أوجه الاختلاف بين المجلس الإقتصادي والإجتماعي وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة

Article By :

تتعدد الهياكل التي تعنى بالاقتصاد وبالشؤون الاجتماعية وتتنوع بتنوع هذه الشؤون وتعقدها وكثرة المتدخلين فيها. وقد تتشابه الهياكل المذكورة على غرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة، أو تختلف في طبيعتها وصلاحياتها حتى أنه قد يحل هيكل محل آخر لتعويضه أو لتطويره ما يستدعي المقارنة لتحديد نقاط التقارب والاختلاف بينها ولفهم الإضافة المرجوة من ذلك. أحدث المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدستور 9591، وتم إيقاف العمل به بصدور المرسوم عدد 41 لسنة 1102 مؤرخ في 32 مارس 1102 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية حين نص صراحة على حله. ومنذ إرساءه بالمرسوم عدد 1 لسنة 1691 المؤرخ في 16 جانفي 1691، مثل المجلس موضوع العديد من التنقيحات مست تركيبته ومشمولاته في أكثر من مناسبة. فيما أحدثت هيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة كهيئة مستقلة بمقتضى الفصل 921 من دستور 4102 وتم تنظيمها بالقانون الأساسي عدد 06 لسنة 9102 المؤرخ في 9 جويلية 9102 المتعلق بهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة، فقانونيا يمكن القول بأن الهيئة جاءت لتعوض المجلس، ما يجعل التركيز على أوجه الاختلاف بينهما لا يخلو من الأهمية من حيث إدراك مدى التطور الذي شهدته المنظومة القانونية التونسية في هذا الخصوص. فإذا كان الهاجس وراء استبدال هياكل بأخرى هو البحث عن النجاعة، فهل يمثل التطور المؤسساتي من المجلس إلى الهيئة نقلة نوعية في مؤسسات الدولة أم هو مجرد تغيير هيكلي عبر استبدال هيكل بآخر؟ لئن أظهرت المقارنة بين المجلس والهيئة وجود العديد من نقاط الإلتقاء والتشابه بما أن كل منهما يمثل هيئة دستورية استشارية في مجالات اختصاص متقاربة، فإن وجود مثل هذه النقاط المشتركة ما هي إلا مؤشرات على استنساخ الهيكل القديم من خلال الهيكل الجديد. وبالإمكان تسليط الضوء على مميزات كل منهما من خلال نقاط الإختلاف التي تكشف عن مدى التباين من حيث الطبيعة القانونية لكل من المجلس والهيئة. الاختلاف الجوهري من حيث الطبيعة القانونية: يجدر الانطلاق من التعريف القانوني للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ولهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة للتوصل لتحديد الطبيعة القانونية لكل منهما. كما يجوز الكشف عن الطبيعة القانونية للهيكل استنادا إلى جملة من مؤشرات الإستدلال les faisceaux d’indices. لكن المفارقة تكمن في أنه عادة ما يتم اللجوء إلى هذه الطريقة للكشف عن الطبيعة القانونية للهياكل التي يتولى المشرع بعثها دون أن يحدد طبيعتها أو يتولى تصنيفها بصريح النص. فإلى أي مدى يجوز اعتماد هذه الطريقة في المقارنة بين طبيعة كل من المجلس والهيئة؟