الربيع العربي في موسمه الثاني: المسائل السياسيّة والقانونيّة للانتقال الديمقراطي

Article By :

في جذور الربيع العربي (1 و2): ينبغي قراءة الانتفاضات الشعبيّة الأخيرة في العالم العربي في سياق عالمي أكثر شموليّة من السياق الضيّق الذي أدّى إلى نشوب انتفاضات عديدة في كثير من البلدان حول العالم ، من هونغ كونغ إلى تشيلي مرورا بالجزائر والعراق ولبنان، دون أن ننسى الهبّات التي أدّت إلى سقوط نظام عمر البشير في السودان أو حركة “السترات الصفراء” في فرنسا. يجدر التنويه أن الثورة التونسيّة سنة 2011 هي التي أحدثت عبر تأثير متتابع، السلسلة الأولى من الانتفاضات والثورات الشعبيّة في بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين في ليبيا ومصر والبحرين وسوريا. وبغض النظر عن مسارات هذه الثورات و ما آلت إليه يمكنُ لنا الجزم بأن الحركات الاجتماعيّة في العالم العربي هي الرحم الذي أنتج “الثورات الجديدة” للقرن الحادي والعشرين ، وبعد عشر سنوات تقريبا من تلك البدايات لا يزال هذا العالم العربي نفسه ماثلا في مركز الحركات الثورية العالميّة مع اكتساح الديناميكية الثورية في غضون ذلك مناطق وبلدانا جديدة. هذه الملاحظة الثنائيّة ليست مصادفة على الإطلاق، فقد أخفى العالم العربي لعقود كلّ مقوّمات هذا الانفجار عبر الأزمات السياسية والاجتماعيّة والاقتصاديّة التي راكمها منذ فترات الاستقلال، هذا إضافة إلى حجم الإحباط الشعبيّ الذي تصاعد و بلغ حدّ الغليان دون أن تلاحظ الأنظمة إشارة الخطر وسط عزلتها السياسية وتكلّسها المؤسّساتي. لذا من الضروري العودة إلى الجذور التاريخية للربيع العربي قبل مناقشة المسائل السياسية والقانونية الرئيسيّة التي ستُطرح أمام الحركات الشعبيّة اليوم. في خمسينيات القرن العشرين طغت الإيديولوجية القومية على بلدان العالم العربي، وهي أيديولوجية تأثرت بالفكر الاشتراكي عبر مسارات متفاوتة حكمتها التيارات الفكريّة السائدة واختلافات التجربة السياسية عبر الأقطار. لخّصت الشعارات المرفوعة حينذاك “أولويّات المرحلة”: أي الوحدة والاشتراكيّة. أما الديمقراطية فلم تكن بارزة للعيان ، وهو أمر منطقي بالنظر إلى الفكر السياسي السائد في تلك الفترة.