الظروف الطارئة والمراجعة القضائية للعقد

Article By :

يحدث أن تتغير الظروف التي نشأ في ظلها العقد بما يزعزع استقراره ويجعل تنفيذه مختال بسبب ظروف تطرأ فجأة، حيث تؤثر الظروف الطارئة على التوازن االقتصادي للعقد بما يؤثر على المنافع المتبادلة فيه، وتكون نتيجة أحداث وظروف استثنائية غير متوقعة ومن الصعب التنبؤ بها عقبت تشكيل العقد، ومن خصائصها أنها خارجة عن سيطرة األطراف، وتؤثر على التنفيذ الطبيعي للعقد بحيث تجعله مرهقا ألحد األطراف.
وقد عرف أحد الفقهاء الظروف الطارئة بقوله: “هي الحوادث غير المنتظرة التي لم تنشأ عن فعل المدين أو عن خطئه” وعرفها آخرون بأنها: “حالة عامة غير مألوفة أو غير طبيعية أو واقعة مادية عامة لم تكن في حسبان المتعاقدين وقت التعاقد ولم يكن في وسعهما ترتيب حدوثها بعد التعاقد ويترتب عليها أن يكون تنفيذ االلتزام التعاقدي مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة وان لم يصبح مستحيال” وعرفها فقيه آخر بقوله: “هي كل حادث عام الحق على تكوين العقد وغير متوقع عند التعاقد ينجم عنه اختالل في المنافع المتولدة عن عقد يتراخى تنفيذه إلى أجل أو آجال ويصبح تنفيذ المدين اللتزامه كما أوجبه العقد يرهقه إرهاقا شديدا ويهدده بخسارة فادحة تخرج عن الحدّ المألوف”.
نستنتج من خالل ما سبق أن نظرية الظروف الطارئة تعالج حادثا ال يد فيه ألي من المتعاقدين كحرب أو كارثة طبيعية أو صدور قانون يجعل تنفيذ االلتزام مرهقا ألحد الطرفين ،أي أنها تعالج اختالل التوازن عند تنفيذ العقد، حيث تكون الظروف االقتصادية قد تغيرت مما يؤدي إلى فقدان التوازن االقتصادي بين االلتزامات الناشئة عن العقد في ذمة طرفيه بما يجعل تنفيذه مرهقا، بشكل يفقد العقد دوره ووظيفته االجتماعية التي هي احد أسباب نشأته ،األمر الذي يسمح للقاضي بالتدخل لتوزيع الخسارة على الطرفين ويرد االلتزام المرهق إلى الحدّ المعقول .ولكي يعتبر الظرف طارئا ال بد أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط ضبطها الفقه وفقه القضاء وهي أساسا: أن يكون العقد متراخي التنفيذ، وثانيا أن يصبح العقد إذا تم االستمرار في تنفيذه مرهقا ألحد أطرافه، وأن يكون الحادث استثنائيا وثانيا غير متوقع.