الوضع القانوني للأحزاب الدينية في تونس

Article By :

هنالك في أرجاء العالم قاطبة أحزاب دينية عديدة تتأسس بأكثر أو أقل درجة وحدّة على قناعات وقيم دينية. فنجد أحزابا مسيحية وإسلامية ويهودية وأيضا هندوسية، تسن برامجها السياسية وفق قيم ومعايير الدين أو المذهب المنتمية إليه. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ورود فوارق فائقة في برمجة تلك الأحزاب وأهدافها السياسية، بحسب ما يكون عليه موقف الأديان المستند إليها من حقوق الإنسان وحقوق الفرد في الحريات الأساسية، أو من الديمقراطية على الصعيد السياسي 1 . إن التمكن منفهم هذه الظاهرة السياسية، المعقدة من جانب والمثيرة للعديد من الإشكاليات في جانب آخر،لا يستقيم دون فهم سياقات تشكلها، لذلك كان من الضروري أن نستعرض المراحل والمحطات التاريخية التي ساهمت في تبلور ونشأة هذا الفصيل السياسي حول العالم. ظهرت الأحزاب الدينية لأول مرة في أوروبا تحت مسمى الأحزاب المسيحية متأثرة بما كان يعرف «بالديمقراطية المسيحية 2 »، والتي برزت مع نهاية القرن التاسع عشر بسبب حالة البؤس التي كان يعانيها العمال في تلك الفترة وبسبب تصاعد الحركات الاشتراكية النقابية، فظهرت هذه الحركات تحت مسمى “العمل الكاثوليكي الشعبي” 3 . ثم تطورت لاحقا لتُعرف بـ “الديمقراطية المسيحية” التي تعود جذورها الفلسفية “لتوما الإكويني” 4 وأفكاره. وقد كان الصراع بين الكنيسة والدولة أحد أهم العوامل التي ساهمت في ظهور “الديمقراطية المسيحية”،حيث بقيت الكنيسة منافسة لسلطة الدولة ليس فقط باعتبارها منظمة دينية وإنما أيضا كقوة سياسية أدت بصورة حتمية إلى اهتمام الدولة بالكنيسة والكنيسة بالدولة. وأيا كانت أصولها، فإن الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا تحولت