أسلوب حديث لمكافحة الجرائم البيئية (الشرطة التنبؤية نموذجا)

Article By :

تعتبر الجريمة البيئية من أهم الجرائم المستحدثة التي ظهرت مؤخرا والتي تشغل مجالا واسعا بسبب سرعة انتشارها وامتداد أثرها على الإنسان. ولكن على أساس اصطلاحي فهي تعتبر دخيلة نوعا ما على مفرداتتا فرغم ترسانة القوانين المتعلقة بالبيئة إلا أن المتمعن فيها يجد صعوبة للإلمام بها تبعا لوجود جوانب تقنية وفنية فيها. يعرف الفقه الجريمة البيئية على أنها : ” فعل أو امتناع عمدي أو غير عمدي، يصدر عن شخص طبيعي أو معنوي، يضر أو يحاول الإضرار بإحدى العناصر البيئية، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر كقطع الأشجار و إتلاف النبات و التلويث كأفعال إيجابية، أو امتناع ربان السفينة عن الإبلاغ عن التسرب النفطي في البحر أو عدم الإبلاغ عن استعمال مواد خطرة”. فبالإمكان اعتبارها كل فعل أو امتناع يشكل اعتداءا على أحد العناصر المكونة للبيئة التي من المفروض الحفاظ عليها من أجل الحفاظ على النظام البيئي وكذلك الكائنات الحية المتفاعلة معها .كما ينصّ الفصل الأول من القانون عدد 14 لسنة 6991 التونسي أن “هذا القانون يهدف إلى وضع الإطار الملائم في ميدان النفايات وطرق التّصرف فيها من أجل تحقيق الغايات الأساسية التالية: الوقاية والحدّ من إنتاج النفايات ومن مضارها.
وعند مقارنتها بالجرائم العادية نجد أنّ الجريمة البيئية تنفرد بجملة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من الجرائم العادية نظرا للطبيعة الخاصة للجرائم البيئية، فهي جرائم تمتاز بأنها ذات طابع تقني وفني يرتكبها أشخاص يمتلكون تكوينا علميا وتقنيا كبيرا يؤهلهم للإفلات من العقاب وطمس معالم جرائمهم وآثارها.،ولهذا كان من اللازم مواكبة تلك الحركية الفنية والتقنية في الإجرام البيئي بحركية إجرائية تتناسب مع ذلك. إلا أن الحماية التي يوفرها القانون الجنائي في سبيل مكافحة الإجرام البيئي لم تحقق بعد أهدافها المنشودة، بحكم ما تواجه قواعد التجريم والجزاء في إطار حماية البيئة من إشكالات عدة أفصحت عن وجود خلل في السياسة الجنائية البيئية في إعمال وتفعيل قواعد الإجراءات الجزائية من أجل قمع الجرائم البيئية في مرحلة البحث والتحري بمعرفة الضابطة القضائية، أو المتابعة الجزائية بمعرفة النيابة العامة، الأمر الذي يفسر ندرة المنازعات الجزائية البيئية أمام الجهات القضائية.
وكان قد صدر مرسوم رئاسي في الجمهورية التونسية عدد 5 لسنة 3202 المؤرخ في 32 فيفري 3202 تم بموجبه تنقيح فصول من القانون المتعلق بمخالفة تراتيب حفظ الصحة والنظافة العامة بالمناطق الراجعة للجماعات المحلية. حيث تم حذف جهاز الشرطة البيئية الذي تم التنصيص على إحداثه عند تنقيح القانون سنة 6102، وذلك لضعف الجهاز المكلف بمكافحة الجرائم البيئية وفشله في أداء المهمّه المنوطة بعهدته. ها. ويقضي المرسوم المذكور بتكليف أعوان محلفين ومؤهلين من الجماعات في الصنف ” أ” و “ب” وعند الاقتضاء ” س” لتكوينهم في المهام الموكولة لهم مع إسنادهم بطاقة مهنية في الغرض لمباشرة مهامهم في تحرير المخالفات الصحية بعد تلقي تكوين خاص.
من هنا تأتي أهمية استخدام أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا لمكافحة الجرائم البيئية وصولا إلى بلورة الاستدامة البيئية التي تسعى لتحقيقها الأمم المتحدة. وبفضل التطور المتسارع الذي عرفه الذكاء الاصطناعي القائم على خوارزميات التحاليل التنبؤية في شتى مجالات الحياة والحواسيب القادرة على معاجلة وتحليل كميات كبيرة من المعلومات والبيانات(Bigdata)ومنها البيانات القانونية، أضحت العدالة الخوارزمية واقعا ملموسا في العديد من الأنظمة..من ثم بدأ توظيف الخوازميات في إصدار القرارات لتسهيل عمل المنتسبين لقطاع العدالة (مأموري الضبط القضائي، النيابة العامة، القضاة، المحامين، الكتبة…إلخ ).فأنظمة الذكاء الاصطناعي تساعد في تحليل مجموعة من المعلومات البيئية وذلك بهدف تتبُّع التغيرات في الظروف المناخية في الوقت الفعلي، ومعالجة نقاط الضعف للحدّ منها وإتاحة فرص حيوية للبشرية كي تجد حلولاً يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على كوكبنا بشكل أسرع.