الدين والدولة والدستور: مقاصد الإسلام أم مقاصد الساسة ؟

Article By :

تعيش تونس منذ 52 جويلية 2202 لحظة تاريخيّة حرجة وقلقة، لحظة اهتزت فيها المنظومة التي هيمنت على مقدّرات البلاد منذ حدث »الثورة« بفعل صعود قوى أنتجها فشل هذه المنظومة وعجزها لا عن الآستجابة لتطلعات الشباب المنتفض وحسب، بل حتى عن الحفاظ على مستوى النّمو والرفاه، المحدود لا محالة، الذي تحقّق على عهد السابع من نوفمبر. ليس أدل على هذه الخيبة من عودة الحياة للمنظومة التّجمعيّة في صيغتها الصلبة على يد الحزب الدستوري الحر وزعيمته عبير موسى التي ترفض الإعتراف بشرعيّة الثورة أصال وتريد العودة إلى استئصال الإسلام السياسي، ولا ادل عليها أيضا من صعود التيار الشعبوي بقيادة قيس سعيد الرافض لالعتراف بنتائج 41 جانفي، معتبرا ما حصل أثناءه وإثره خيانة آلمال ورمزيّة 71 ديسمبر. فهذا المثقف والحقوقي اللانمطي،الطارئ على الساحة السياسيّة، أصبح منذ 51 جويلية يمثل مركز استقطاب لولاء شعبي واسع وجذب لمكّونات سياسيّة متنافرة ولا تجمع بينها سوى كراهيّتها للمنظومة التي أدارت البالد وخاصة النّقمة على حركة النهضة وتحميلها المسؤوليّة عن تردّي الاوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة وسوء أداء المؤسسات السياسيّة خلال العشريّة المنقضية، بل وصل الامر حدّ اعتبار دستور 4102 سببا في انحراف مسار الانتقال الدّيمقراطي والانسداد السياسي وعدم الفاعليّة. ضمن هذا السياق وإثر تجميد البرلمان وتعيين حكومة جديدة تتالت قرارات الرئيس بدأ بمرسوم 22 ديسمبر المنظم للحالة الاستثنائيّة والمعطل لاغلب أبواب دستور 4102 وانتهاءً بإعلان دستور 03 جوان 2202 . ولئن تعدّدت المآخذ على ما يُراد له أن يكون دستور »الجمهوريّة الجديدة«، فإن أبرزها يدور بصورة أو بأخرى حول مكانة الدّين في تنظيم الدّولة وفي مشروع المجتمع الذي يدافع عنه كل طرف، وبالتّبعيّة حول مكانة الدّين في الدّستور المقترح.