دور الرقابة الميدانية والمستندية لدائرة المحاسبات في حماية المال العام

Article By :

تعد الرقابة على المال العام وحماية موارد الدولة قضية متشعبة ومعقدة تعتمد هذه الاخيرة للقيام بها وسائل مختلفة ومناهج عدة حيث نجد الرقابة الادارية والمالية المسبقة والمواكبة واللاحقة، الداخلية والخارجية و نجد كذلك الرقابة القضائية وهي بالأساس رقابة مطابقة والتزام وأداء وتقييم أوكل المشرع للقضاء المالي ممثلا في دائرة المحاسبات مهمة القيام بها. وهذه المهمة اطرها الدستور ونظم اركانها القانون وحاك مبادئها فقه القضاء المالي ونسجت اهميتها اراء واجتهادات فقهاء القانون من اهل الاختصاص. و لعبارة الرقابة عدة معاني فالرقابة على القطاع العمومي في اطار موضوعنا وبحسب تعريف المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ( الانتوساي) هي ” عملية منهجية تمكن من الحصول على الادلة وتقييمها بصورة موضوعية لتحديد ما اذا كانت المعلومات او الظروف الفعلية تتماشى مع المعايير المقررة” . اما لغة واصطلاحا فالرقابة تعني في اللغة المراجعة او التفتيش او الاختبار وقد تعني كذلك المحافظة والانتظار والملاحظة او الحراسة او الرصد. وتتركب كلمة رقابة في اللغة الفرنسية من لفظين يعنيان الدور المضاد (elôr ertnoc) ومساءلة العمل (elôR etpmoc) . و الرقابة تحدد بالاختيار الذي يهدف الى مراقبة “ذات معينه ” و للتحقق من شيء معين وتعرف الرقابة اصطلاحا على انها “عملية التحقق من مدى انجاز الأهداف المبتغاة والكشف عن معوقات تحقيقها والعمل على تذليلها في اقصر وقت ممكن”. أما الرقابة القضائية فترمي إلى ضمان احترام النظام العام المحاسبي وتهدف الى التأكد من أن العمليات المالية المنجزة في إطار أداء نشاط الهياكل الخاضعة لمجلة المحاسبة العمومية تم تنفيذها وفق أحكام القوانين والتراتيب النافذة وتضمينها بحسابات تستوفي الشروط القانونية من حيث دورية إعدادها واكتمال البيانات المدرجة بها وصدقها. أما المال موضوع الرقابة والتصرف فهو حسب ما جاءت به أحكام مجلة الحقوق العينية بوجه عام في فصلها الأول ” كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون ومن شأنه أن يكون موضوع حق ذو قيمة نقدية”. و بالرجوع إلى المشرع التونسي يكون المال عاما بتوفر شرطين الأول أن يكون المال مملوكا للدولة آو لإحدى الأشخاص المعنويين العموميين والثاني أن يتم تخصيص المال للمنفعة العامة فهو يمكن أن يكون مالا عاما بالفعل أي أن يكون متاحا للانتفاع به مباشرة دون تدخل الإدارة في ذلك بقانون آو كانتفاع الأفراد بالطرقات والشواطئ والحدائق العامة وهي أموال عامة بطبيعتها. كذلك يمكن أن يكون المال العام مخصص بقانون وذلك بإصدار الدولة قانونا يتضمن تخصيص المال للنفع العام كالانتفاع بمرافق النقل والاتصالات وغيرها. وهذه الأموال يمكن أن تكون عقارا أو منقولا. هذا وتمارس دائرة المحاسبات باعتبارها قضاء ماليا و مؤسسة دستورية الرقابة العليا على الأموال العامة فتنظر في التصرفات الفعلية التي تؤدي إلى نفس المسؤولية مثلما هو الشأن في التصرفات القانونية في الحسابات والتصرف الاقتصادي والمالي للمشاريع والهيئات التي تساهم الدولة والولايات أو البلديات في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة وذلك بمقتضى القانون عدد 8 لسنة 8691 والأمر عدد 528 لسنة 2891. ولها السلطة المطلقة لتقدير تصرف الهيئات الخاضعة لقضائها أو مراقبتها أو تقديرها وكذلك الكشف عن كل المخالفات والإذن بالتصحيح اللازم وعرض الإصلاحات التي ينبغي إدخالها. وفي هذا الإطار تمارس الدائرة رقابتها الميدانية والمستنديّة. حيث تتمثل الرقابة المستندية كما تدل عليها تسميتها في فحص المستندات المثبتة للتصرف التي ترد عليها سنويا أما الرّقابة الميدانية فتعني تنقل مجموعة من القضاة المراقبين على عين المكان لإجراء رقابة تشمل التنظيم والتسيير ونظام المعلومات والتصرف في الموارد البشرية وإعداد وتنفيذ الميزانية والبرامج والمخططات التنموية والتصرف في الأملاك المنقولة وغير المنقولة وغيرها من ميادين النشاط الخاصة بكل هيئة خاضعة قانونا لرقابة الدائرة.