الحماية الدولية لحق اللجوء

Article By : رندة الحرزي

ممّا لا شكّ فيه أنّ البعد الإنساني محور اهتمام عديد الدول التي تسعى إلى تطوير كونية حقوق الإنسان وشموليتها وذلك من خلال إرساء مبادئ حديثة تمّ تكريسها عبر مراحل تاريخية. فنشأة مفهوم حقوق الإنسان له علاقة وطيدة بمدى حاجة الإنسان إلى الاعتراف بكرامته وحريته كحقوق طبيعية مستمدّة من ذاته لا يمكن الاستغناء عنها. فهي بالتالي من الانجازات التي أحدثت تغييرا جذريا في المعايير الدولية، والتي بالرغم من اختلاف التوجّهات الفكرية في مفاهيم مبادئ حقوق الإنسان إلاّ أنّها عرفت إقرارا دوليا بضرورة حمايتها من أيّ انتهاكات أو تجاوزات من شأنها التسبّب في إقصاء كلّي أو جزئي لهذه المبادئ. وبالتالي فإنّه مع تطور الجهود الدولية في مزيد تدعيم المنظومة البشرية، تمّ بلورة عدّة حقوق جوهرية تستوجب اهتمام دوليا كثيفا على إثر الأحداث الأخيرة التي شهدها العالم المعاصر على غرار حقّ اللجوء كظاهرة عالمية تحتاج إلى دراسة معمّقة في شأنها. وضمن هذا الإطار، يعرّف اللاجئ حسب الاتفاقية المتعلّقة باللاجئين 1591 بكونه: ” كلّ شخص يوجد خارج بلد جنسيته بسبب خوف له ما يبرّره من التعرّض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معيّنة أو آرائه السياسية ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف أن يستظلّ بحماية ذلك البلد”. وهو ما أكّده ميثاق منظّمة الوحدة الإفريقية لسنة 9691 بكونه: “كلّ شخص يجبر على ترك محلّ إقامته المعتادة بسبب اعتداء خارجي أو احتلال أو هيمنة أجنبية أو أحداث تعكر النظام العام بشكل خطير في كلّ جزء من بلد منشأه أو جنسيته من أجل البحث عن ملجأ، في مكان آخر خارج بلد منشأه أو جنسيته”. وبناءا على ما تقدّم، يفهم من اللجوء أنّه كلّ من يضطرّ إلى مغادرة بلده الأصل بسبب ظروف قاهرة خارجة عن إرادته للاحتماء في بلد آخر يسمّى بلد اللجوء. وبالتالي تتعدّد أسباب اللجوء من أسباب سياسية أو اقتصادية أوحروب ونزاعات مسلّحة أو كوارث طبيعية بأنواعها كالزلازل والفيضانات وغيرها. وتبعا لذلك تتعدّد تسميات اللجوء ومنها اللجوء السياسي ويقصد به حسب الفقيه ألونا إيفانز” كلّ من هرب من دولته بسبب الاضطهاد المبني على أسباب سياسية أو دينية أو عرقية، أو بسبب عدم رضاه بالأوضاع القائمة في دولة لا تسمح بقيام معارضة فيها، أو لاشتراكه في عملية فاشلة لقلب نظام الحكم أو الدفاع عنه ضدّ انقلاب أطاح به”. وأمّا اللجوء الاقتصادي فهو الذي يكون نتيجة الأحوال والظروف الاقتصادية السيئة التي تشكّل خطورة على الظروف المعيشية من جرّاء الفقر والمجاعة. وأمّا اللجوء الديني فهو الذي يحدث نتيجة اعتناق دين أو مذهب معيّن، في حين يعتبر لجوءا إنسانيا كلّ من تعرّض إلى حروب أهلية وصراعات أو غزو عسكري تهدّد كيانه وحياته، ودفعته للبحث عن ملجأ آخر.