المقابل في عقد الكراء
Article By : هناء العيادي
يعتبر عقد الكراء من أهم العقود التي نظمتها مجلة الالتزامات والعقود والتي أعطت للإرادة الحرة مجالا واسعا وفسيحا،إذ أنه مكن طرفي العقد من الاتفاق على مخالفتها في حدود ما أجازه القانون. ويعرف الفصل 727 م إ ع الكراء بأنه “عقد يسلم به أحد الطرفين للآخر منفعة عقار أو منقول مدة بعوض يلتزم له بأدائه الطرف الاخر”.
عقد الكراء ينصرف إلى المنقول والعقار وهو بذلك يتعلق بمنافع غير الادمي أي ليس له علاقة بعمل الإنسان ومن هذه الناحية فهو يتميز عن عقد الإجارة الذي ينصرف إلى منافع الادمي التي يمكن أن تكون للخدمة والعمل أو للصنع.
يتميز عقد الكراء بجملة من العناصر والتي تعتبر ضرورية لقيامه. إذ يتكون من عناصر ذاتية متمثلة في الأهلية والرضا ومن عناصر موضوعية متمثلة في المدة ومعين الكراء. ويعتبر معين الكراء من أبرز هذه العناصر.
يعرف معين الكراء بكونه المقابل الذي يلتزم المكتري بدفعه للمكري فهو محل التزام المكتري ويشترط فيه كما يشترط في أي محل للالتزام أن يكون موجودا ومشروعا ومعينا أو قابلا للتعيين.
يستعمل المشرع مصطلح “قيمة الكراء” ومصطلح “العوض” للدلالة على المقابل الذي يقبضه المكري مقابل تمكين المكتري من منفعة المكرى.
في المقابل لا يستعمل المشرع في تعريف عقد الكراء مصطلح “الثمن”باعتبار وأن الثمن في عقد البيع يجب أن يكون من النقود على خلاف عقد الكراء حيث أن المقابل يمكن أن لا يكون كذلك.
كما أنه وبالرجوع للنسخة الفرنسية للمجلةنلاحظ أن المشرع لا يحافظ دائما على عبارة “prix “إذ يستعمل أيضا عبارة”loyers”.
و للمقابل أهمية جلية من الناحية القانونية و الاقتصادية.
فمن الناحية الاقتصادية يعد المقابل قيمة اقتصادية ويعد خاصة إذا كان من النقود دليلا على التوجه الاقتصادي للدولة و مقياسا لمدى تدخلها في معاملات الأفرادويشكل قانون الأسعار في هذا الإطار دليلا كافيا على صحة هذه الملاحظة.
أما من الناحية القانونية فتبرز أهمية معين الكراء في كونه يعتبر من جهة عنصرا ضروريا للتمييز عن العقود الأخرى و يعتبر من جهة أخرى واحدا من أخصب الميادين لتطبيق الأحكام الخاصة بالالتزام بمقابل معين بصفة عامة والالتزام بمبلغ من النقود بصفة خاصة و هذا إلى جانب عقود أخرى نذكر منها عقد البيع و عقد الشغل.
و هو ما يبعث على التساؤل عن هذه الأحكام التي خص بها المشرع المقابل في إطار تنظيم عقد الكراء ذلك أن هذا العقد كسائر العقود يخضع في نظامه لتصور عام يميز فيه بين مرحلتين : مرحلة التكوين ومرحلة التنفيذ.
ولئن كانت علاقة المقابل بالمرحلة الأولى أكيدة باعتباره أحد عناصر العقد، فإن صلته بمرحلة التنفيذ ليست أقل أهمية نظرا لارتباطه بالتزامات الطرفين الناتجة عن العقد.
و لذلك يتجه تقصي أحكام المقابل عبر مرحلتي الكراء المذكورتين فنتعرض أولا إلىالمقابل في التكوين–جزء أول- ثم إلى المقابل في الأداء-جزء ثان-.